مشاهد عابرة

ممددا على سريره مغمضا عينيه والأنوار مطفئة الأمور سيان سواسية منذ أن فقد بصره أصبح إطفاء الأنوار أو إشعالها سيان لا أحد بالبيت سوى ذكرياته وتلك التى خرجت ولم تعد تاركة إياه تأكله الحكايا والذكريات كان أحد أشقياء الحى كبر سنه حتى تخطى الأربعين ولم يتزوج كان يخشى الزواج مما فعله ورآه  فقد ثقته بصنف الأنثى جميعا  أصرت أمه أن يتزوج قبل أن تموت تود أن ترى أبنا له أختارت له عروسا من الأرياف عن طريق إحدى المعارف ذهب ليراها كانت كآلهة الجمال عند الرومان فقط بعض الرتوش لتصير أنثى طاغية الأنوثة فقد أنهكها الفقر والحاجة سحرت عقله وأسرت قلبه لم يبخل عليها بشئ وعلمها كل شئ حتى صارت .
تمشى متبخترة فى مشيتها تتمايل فيهتز جسدها ويرتج الشارع مسدلة شعرها خلف كتفيها وجهها الصبوح كالفاكهة الطازجة  عبائتها الملتصقة بجسدها تحدد تفاصيل تضاريس جسدها مرتفعات ومنخفضات يصيح أحدهم ( مكن واتركن ) يرد آخر ( من داق حمارووو ينكوى بنارووو) تنظر بطرف عينها وتكمل مسيرها واثق الخطوة يمشي ملكا  الكل يعلم من هى والكل يتمنى أن ينال من ثمارها لكن لا أحد يستطيع ( ابعد عن الشر وغنيلو) تتبعها النظرات تتفرس جسدها تعلم علم اليقين أنها تغويهم فتزداد غرورا وإعجابا بنفسها.
فى الليلة الأولى كان خائفا ما فعله لكن أطمئن قلبه حين وجد نفسه هو أول فارس يدخل تلك القلعة فتحت القلعة أبوابها فأسره بهائها دللها فجعلها ملكة سنوات مرت تغير كل شئ فيها صارت أكثر أنوثة نضجت أنوثتها فصارت الأنثى الأولى فى الحى بلا منازع ما عاد يستطيع سد الفراغ فى حياتها وها هو يتحول إلى ماض وهى حاضر ومستقبل  .
فى غرفة النوم تخلع ملابسها مازال الجو صيفا  حرارة الجو تجعل الدماء تندفع فى جسدها فتبدو كحبة الفراولة تزداد جمالا  تخرج من غرفة النوم تتجول فى أنحاء البيت بلا أى شئ حتى ورقات التوت تركتها فى غرفة النوم مازال هو ممدا فى سريره مغمضا عينيه لا يرى شيئا من هذا  تدخل إلى الحمام تفتح المياه على جسدها علها  تطفئ لهيبه الذى لا ينطفئ مازالت الذكريات تهاجم رأسه يراها تسير فى الطريق تثير جنون الجميع تتغنج تتمايل أحدهم يحاول أثبات وجوده وإثبات ذكورته يتقدم كل منهما نحو الآخر تشتعل المعركة كان الآخر مازال شبابا وهو يتحول إلى ماض ضربات متوالية على رأسه أفاق وما عاد يبصر شيئا 
ألتقت الأجساد الشابة الحاضر والمستقبل  مازالت تتجول فى البيت تتغنى وتتراقص ممدا هو فوق سريره مغمضا عينيه بلا حراك أشبعت هى جسدها وهدأت نار ذاك الجسد المجنون تعود لغرفة النوم تلقى بجسدها المنهك بجواره صار كل شئ فيه من الماضى مجرد ذكريات تهاجم رأسه 
   # محمد فتحى شعبان # 
  الأسكندرية / العامرية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكاية شاعر

سيرة ذاتية

حكاية شاعر ..علي الجارم