حكايات أبو سفيان
( حكايات أبو سفيان)
3
بقلم / محمد فتحى شعبان
كعادتي أستيقظ قرب صلاة الفجر ، أدخل إلى الشرفة المطلة على السوق أصطحب معى كتابا أو مجلة العربى
وكوب شاى ، قد استغرق فى القراءة حد الامتزاج مع الحروف والكلمات فلا أسمع ولا ارى شيئا غيرها ، وقد يأخذني السوق وما يدور فيه من أحداث فاندمج معه
أتصفح مجلة العربى ، يجذب انتباهى تحقيق عن مدينة بورتسودان الساحلية السودانية فأحلق مع الكاتب إلى هناك
مشهد
المصلون خارجين من المسجد بعد صلاة الفجر ، صاحب المخبز البلدى وبعض العمال معه كانوا أول القادمين إلى السوق ، بعدهم بقليل يأتى صاحب مطعم الفول والفلافل ( بلهجة السكندريين ) ، يبدأ النهار فى التقدم رويدا رويدا لينسحب الليل متقهقرا إلى الخلف يتوافد الباعة إلى السوق واحدا تلو الآخر ، أصحاب الوظائف فى طريقهم إلى وظائفهم يسيرون فى كسل كأنما يساقون سوقا إلى أمر يكرهونه ، تعلوا أصوات الباعة ، أحدهم يدير جهاز ( الصب ) على صوت القرآن ، أذهب لتجهيز كوب شاى ثم أعود .
عودة لمشهد سابق
يمسك بالهاتف ينظر إلى الاسم الذى سجل به رقم هاتفها ، هل يتصل بها تلك المجهولة ، نغمة صوتها مازالت فى أذنه ،
لا ضير يقرر الاتصال ، يأتيه صوتها على الجهة الأخرى دافئا
تسرى فى جسده قشعريرة كأنما مسه السحر ، تخبره أنها كانت تنتظر اتصاله فيبتسم ، كان يريد أن يسألها عن اسمها لكنه يتوه مع حديثها ، يتذكر فى آخر الحديث أن يسألها ، فتخبره باسمها ، تنهى حديثها ، يكاد يحلق بين غرف البيت وهو لم يعرف عنها سوى اسمها .
مشهد فى الجهة المقابلة
تنظر إلى الفراغ ، تنتظر شىء ماء ،غرف البيت جميعها مظلمة يشعرها الضوء بالوحشة تدرك أنها تحيا وحدها ،
فى الظلمة تشعر بالدفئ ، تراهم جميعا هنا ، يرتفع صوت هاتفها ، كان هذا ما تنتظر ، تتسرب الكلمات من بين شفتيها
تريد أن تحكى مع ذلك المجهول ، تطول المحادثة هذه المرة ، لكنها آخر الأمر تنهى المحادثة ،تتركه ينتظر .
مشهد
مازلت فى شرفة المنزل كما أنا أمسك قلمي أنظر إلى الاوراق الفارغة امامى ، تحدق هى فى كأنها تريد أن أرسم على بياضها حكايات جنوني ، أطلب منها أن تخبرني بما أكتب ، يأتى صوت ياسين التهامي ( لو كان لى قلبين لعشت بواحد وتركت قلبا فى هواك يعذب ) ، الكل مشغول ، أعود لألتقى رضوى عاشور فى ثلاثية غرناطة ، لا يجعلنى أتحرك من مكانى سوى حرارة الشمس ، أدخل إلى غرفتي محاولا النوم لكن هيهات .
مشهد
تنظر إلى المرآة فلا ترى وجهها ، تتبسم ثم تعود إلى النظر فى الفراغ ، تقوم كأنما تذكرت شىء ، تمسك هاتفها وتتصل به ، تطلب منه أن يلتقيا .
ينظر إلى شاشة هاتفه لا يصدق إنها هى تحدثه ،كلمات قليلة ، يغلق الهاتف ويبدأ فى تجهيز نفسه للخروج .
مشهد
أسمع صوت يأتى من بعيد ، إنه ينادى باسمى ، مريمة رضوى عاشور إنها كما تخيلتها تماما ، تقترب منى ، أفتح عينى فأرى وجه زوجتى ، إنهم يتسببون فى إزعاجى دوما حتى فى أحلامي .
مشهد
تذهب إلى المكان الذى اتفقا على اللقاء فيه ، يذهب هو الآخر إلى نفس المكان ، لا ترى هى أحدا المكان لا حياة فيه ، لا يرى أحد هو الآخر لا شىء سوى الفراغ والصمت
يبدأ فى الحديث فلا يسمع سوى رجع صوته ، تنظر إلى الفراغ ثم تتحدث فتسمع رجع صوتها .
مشهد أخير
إنه الفراغ يفعل بنا أكثر من ذلك ، أصعد إلى سطح المنزل أنظر إلى الجميع من أعلي ، تخيلت نفسى أخطب فيهم ، ها أنا سأبدأ فى إلقاء الخطبة ، يرتفع صوت هاتفى أرى اسم زوجتى ، إنهم مزعجون إلى أقصى درجة ،لا يتركوننى أهنأ بتخيلاتى
تعليقات
إرسال تعليق