التجديد الديني أم هدم للشريعة والدين 3
التجديد الدينى....3
أم هدم للشريعة والدين
بقلم : محمد فتحي شعبان
بعد الحمد لله والصلاة والسلام علي اكرم خلق الله وعلي آله وصحبه وعلي من استن بسنته و اقتفي أثره .
أما بعد:
معلوم أن أمر الدين شامل لكل مناحي الحياة ، فلا يمكن تجديده بالكلية إلا إن طال هذا التجديد كل المناحي ، كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم فلم تقتصر دعوته علي ضبط علاقة اتباعه بربهم علي مقتضى الوحي ، بل ضبط مناحي الحياة كلها بمنهجه الرباني .
ولا شك أن معني التجديد أن يقيم المجددون حياة الناس علي منهاج النبوة،فإن كانت الحياة لا تخلو من وقائع مستجدة ونوازل مستحدثة ، فلا بد أن يقوم أمر التجديد علي القدرة علي الاستنباط من أدلة الشرع و كلياته وعموماته ومقاصده ، فيثبت المجددون للناس صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان ولكل حال يتلبس به الإنسان، فنصوص الشريعة وافية كافية ولكن تحتاج إلي من يقدر علي الاستنباط منها .
واجتهادات البشر علي قيمتها وفائدتها لا يمكن أن تأتي علي دلالات النصوص الشرعية من كل ناحية ، ولذلك تكون الإفادة منها متجددة علي مر الزمان ، فما من زمان إلا و استنبط علماؤه واستخرج فقهاؤه فوائد ودلالات جديدة من نصوص الشريعة .
يقول دكتور محمد بن حسن شبالة عن التجديد :
وأما في الاصطلاح فعندنا اصطلاحان :
الأول :الاصطلاح الشرعي المضبوط الذي شرع في الإسلام وحث الإسلام عليه ودعا إليه وهو يحتوي علي ثلاث نقاط مهمة ، فالتجديد في الاصطلاح الشرعي هو إعادة رونق الدين و صفائه و إحياء ما اندرس منه ونشره بين الناس فهذه ثلاثة محاور للتجديد الشرعي المضبوط المستحب
الثاني : فمعناه الانقضاض علي اصول الدين وثوايته وكلياته و هدمها وبناؤها بناء جديدا بنفسية المهزوم لموافقة ما تدعو إليه الحضارات المسيطرة علي العالم
بمعني أن الإسلام صار باليا وقديما فلا بد من إيجاد مفاهيم وقواعد وأحكام جديدة في الدين بحيث تتناسب وتتماشي مع الحضارة العالمية الغربية المعاصرة .
*يقول دكتور عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم في موسوعة المذاهب الفكرية :
وفي عصرنا هذا ظهرت تيارات واتجاهات فكرية متعددة تهدف إلي تغيير المجتمعات ، وتدعو إلي تطور العلوم الشرعية ، وفتح باب الاجتهاد علي مصراعيه ، واللجوء إلي مقتضيات الواقع ومعطيات العقول.
وقد اختلط الكلام في مسألة التجديد ، ودخل في أسماء المجددين من ليسوا منهم ، وفي أسماء الموضوعات ما هو من موضوعات أخر ، فبعض من يسمونهم مجددين لا يؤمنون بأساسيات الشرع ، وبعض المجالات التي قيل بالتجديد فيها لا تنطبق علي الدعوي، وقد نجد من يحاول التوفيق بين الشريعة وواقع المجتمعات ، ويفسر ويؤول النصوص بما يتراءي له ، فيكون التعديل دائما علي حساب الشريعة ، وما ذاك إلا لسوء ظنهم بدين الله وشرعه ، بل وتهاونهم بهذا الدين .
والذي نراه منتشرا في كتابات العديد من المفكرين الإسلاميين يعني إصطلاحا " تبديل وتغيير القائم باعتباره قديما وتقديم ما لم يكن للإسلام به عهد " .
وفي العصر الحاضر نجد دعوات في غاية الخطورة لمن يدعون التجديد في أصول الفقه ، وإنما كانوا يدعون إلي التغيير المطلق المفتوح ، وليس التجديد الراشد المشروط ، وإلي اعتماد التشريعات علي مناهج وأدلة تأخذ باعتبارها العقل والواقع ، وحيث كانت النصوص الشرعية عائقة لدعواتهم فإنهم لجؤوا إلي طرق متعدد في التعدي علي أهم اصلين تستند إليهما الأحكام الشرعية ، وهما الكتاب والسنة، فدعوا إلي تعطيل الكتاب أو تفسيره بحسب الأهواء ، والطعن بالسنة بوجوه مختلفة ، بغية استبعادها عن مجال الحياة .
وليس ذلك من التجديد في شىء ، وإنما هو محض تبديل وافتئات علي ما أنزل الله ، فإن أحدا منهم لم يقدم مقياسا صحيحا لما يدعيه سوى موافقة العقول الأرضية وتلبية الاغراض البشرية ، باعتبار أن الشريعة العتيقة لم تعد وافية بمطالب الإنسان الجديد (زعموا!!) وما ذكروه يؤدي إلي الانسلاخ من الشرع في آخر الأحوال .
ومن هنا نجد أن دعاة التجديد الحداثي لجؤوا ضرورة إلي الدعوة إلي الاجتهاد في الأصول قبل الفروع ، إذ واجهتهم المفاهيم التي أسلفنا في معني الاجتهاد والتجديد ، ولم يجدوا عنها حولا إلا بتغيير الأصول والثوابت ذاتها، كي يفلتوا من الشرك الذي وضعوا أنفسهم فيه.
*خاتمة
تعليقات
إرسال تعليق