الحج إلي أمريكا ...الإله الغربي ...الحلقة الخامسة
الحج إلي أمريكا
الإله الغربي
الحلقة الخامسة
التغريب ...العولمة
بقلم : محمد فتحي شعبان
بعد الحمد لله والصلاة والسلام علي محمدا بن عبد الله وعلي آله وصحبه ومن والاه وعلي من استن بسنته وأقتفي أثره و أهتدي بهداه ...أما بعد
كتب الصحفي الأمريكي ( توماس فريدمان ) إبان الغزو الأمريكي لأفغانستان سنة ٢٠٠١ يقول ( إن الحرب الحقيقية في المنطقة الإسلامية هي في المدارس ، ولذلك يجب أن نفرغ من حملتنا العسكرية ضد ابن لادن بسرعة ونخرج ...وعندما نعود من أفغانستان يجب أن نكون مسلحين بالكتب ، لا بالدبابات، وفقط عندما تنمو تربة جديدة ، وجيل جديد يقبل سياستنا ، كما يحب شطائرنا ، سيكون لنا في المنطقة الإسلامية اصدقاء )
كتب محمد جلال كشك في كتابه ودخلت الخيل الأزهر ( إنهم يفسرون علاقة الغرب بالشرق علي ضوء النموذج الأميركي ...فهناك كانت إبادة الهنود الحمر هي الثمن الذي دفعه المتخلفون لكي تقوم علي أنقاضهم الحضارة الأمريكية ، بكل المنجزات التي حققتها للإنسانية و للتقدم البشري ، ولا يستطيع مؤرخ غربي أن يقول الآن ليت الهنود الحمر لم يبدوا...ولم تقم الحضارة الأمريكية )
هكذا قرأت إنهم يريدون محو هويتنا هذه هي حربهم ، يريدون محو عقولنا ، يريدون أن نكون أمة بلا عقيدة بلا هوية يريدون أن نكون مجرد مسخ ، ونعود للعولمة
* المفاهيم الأساسية للعولمة :
اغلب المفاهيم المتداولة اليوم في العوالم الثقافية والفكرية المختلفة تنطلق في جوهرها من محورية الغرب و حاكميته ، ويمكن تقسيم هذه المفاهيم إلي ثلاثة أنواع :
النوع الاول : عولمة اقتصادية ، وتكنولوجية واجتماعية
النوع الثاني : ظاهرة ثقافية
النوع الثالث : ظاهرة إعلامية
النوع الاول : عولمة اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية
الظاهرة الاقتصادية : وتعني جعل النظام الاقتصادي واحدا في العالم كله ، وإزالة الأنظمة الأخري ( أي أن النظام الاقتصادي في العالم كله يكون وفقا للنظام الامريكي أو النظام الغربي ) .
وعرفها روبنز ريكابيرو الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والنمو بأنها " العملية التي تملي علي المنتجين والمستثمرين التصرف و كأن الاقتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ، ومنطقة إنتاج واحدة ، مقسمة إلي مناطق اقتصادية وليس اقتصاديات وطنية مرتبطة بعلاقات تجارية واستثمارية "
وعند صادق العظم ( مفكر سوري ) هي : حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء ، في ظل هيمنة دول المركز و بقيادتها وتحت سيطرتها ، وفي ظل نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ
قال محمد الجابري في تعريف العولمة : العمل علي تعميم نمط حضاري يخص بلدا بعينه - وهو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات - علي بلدان العالم أجمع .
فبهذا التعريف تكون العولمة دعوة إلي تبني أيدلوجية معينة تعبر عن إرادة الهيمنة الأمريكية علي العالم .
فهي أن يكون اقتصاد العالم يدور في فلك اقتصاد امريكا ، فما تراه وما تمليه الإدارة الأمريكية يكون هو رؤية العالم وأن تعمم فكرها الاقتصادى علي مستوي جميع الدول .
ثورة تكنولوجية واجتماعية : الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم كرة اجتماعية بلا حدود ، أي أن الحدود الجغرافية لا يعترف بها ، حيث يصبح العالم أكثر اتصالا ، مما يجعل الحياة الاجتماعية متداخلة بين الأمم .
وهذه الحياة الاجتماعية المتداخلة التي أشار إليها لا تقوم علي تبادل القيم الاجتماعية وإنما تقوم علي فرض قيم الأقوى أعني الدول الكبري ، وذوبان القيم الاجتماعية للأمم الأخري تمهيدا لزوالها.
النوع الثاني : عولمة ثقافية :
تعني انتقال الأفكار والمعاني والقيم إلي جميع أنحاء العالم لتوسيع وتعزيز العلاقات الأجتماعية ، وتتميز هذه العملية بالاستهلاك والاستخدام الشائع للثقافات المنتشرة والمتعارف عليها عبر الانترنت ووسائل الاتصال الأجتماعي والسفر عالميا .
والعولمة الثقافية تضمن تشكيل المبادئ المتشاركة والمعرفية التي يربطها الناس بهوياتهم الثقافية الفردية والاجتماعية مما يؤدي إلي زيادة الترابط بين الشعوب والثقافات .
أيضا العولمة الثقافية هي عبارة عن ظاهرة تتأثر بتجربة الحياة اليومية ، و بنشر الأفكار والسلع كما تعمل علي توحيد أشكال التعبير الثقافي في جميع أنحاء العالم .
من خلال هذه التعريفات يتبين أن العولمة الثقافية تصبغ العالم بصبغة واحدة وتفرض مفاهيم واحدة وأفكار واحدة
ونمط حياة موحد دون الالتفات إلي الخلفيات الثقافية والحضارية المختلفة بين الشعوب ( النمط الأميركي ) يعمم علي الجميع ، فعلي جميع العقول أن تخضع للعقل المهيمن .
النوع الثالث : العولمة الإعلامية :
بداية علينا أن نعلم أن العولمة منظومة متكاملة يرتبط فيها من الجانب السياسي بالجانب الاقتصادي ، و الجانبان معا يتكاملان مع الجانب الاجتماعي والثقافي ، ولا يكاد يستقل جانب بذاته ، ولكن آلة ذلك كله التي لا تنفصل البتة عن أي شكل من أشكال العولمة هو الإعلام بوسائله المتعددة ، فمهما رأيت صورا لعولمة ثقافية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية فاقطع بأنها جاءت محمولة عبر مراسل آلية إعلامية ، فنجاح مروجي ثقافتهم و اقتصادياتهم وسياساتهم بل وحروبهم كان من كل أعظم أسباب نجاحهم في عولمة إعلامهم .
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، إلي هذا الحد أنهي حديثي ولكن لمن اراد زيادة المعرفة فعليه بالقراءة ليعلم ماذا يريدون بنا .
لكتابة هذا الموضوع تم الرجوع إلي
١- موسوعة المذاهب الفكرية لعبد السلام بن محمد بن عبد الكريم
٢- مدخل إلي العولمة والموقف منها لدكتور علاء بكر
٣- ودخلت الخيل الأزهر لمحمد جلال كشك
تعليقات
إرسال تعليق