البخار المضغوط

البخار المضغوط 

بقلم : محمد فتحي شعبان 

صباح الخير ..رزقكم الله الخير وصرف عنكم السوء وتفضل عليكم برحمته ومغفرته ..غفر الله لنا ولكم وتقبل منكم حسناتكم وتجاوز عن كل سوء ...اللهم نصرك لأهل فلسطين ..اللهم نصرك لهذا الدين ..اللهم عليك بكل عدو للدين واهدي كل عاص إلي طريقك المستقيم ..

أما بعد : 

جولة ما بين الكتب والمجلات ومازالت القراءة هي ملاذي الآمن ، غادة السمان ، رضوى عاشور ، حنان لاشين ، خالد توفيق ، صنع الله إبراهيم ، وغيرهم الكثير ، أحب كتاباتهم ..أرحل بين كلماتهم فأشعر اني ما زلت علي قيد الحياة .

غادة السمان في مجموعتها رحيل المرافئ القديمة وفي القصة المعنونة ب ( جريمة شرف ) يعطي  جول وهو فدائي فلسطيني لحبيبته خضراء مثال بالطنجرة البخارية ( الحلة ) وصمام أمانها الذي يعطي إشارة بأنها وصلت للحالة القصوي فيتم فصلها أو تنفيس البخار ، يعطيها مثالا علي أن الجمعيات الخيرية هي ذلك الصمام لمجتمع يعاني أهله من الفقر .

التبرعات الحكومية و الكراتين التي يتم توزيعها في المواسم وغير ذلك ، ليس سوى محاولة لجعل الغليان الذي في صدور الناس يتنفس ، هذا هو المعني ..بعض التبرعات ..بعض الترويح حتي تهدأ النفوس ، محاولة لجعل البخار المضغوط يتنفس فتهدأ النفوس ، احداث فيصل الأخيرة ، ثم سمعت ان هناك احداث مماثلة في الإسكندرية ، قد يكون كل ذلك مفتعل لامتصاص غضب الناس ، ولعله آن لعلوش أن يفهم .

في مجلة العربي في عدد مارس ٢٠٢٤ و مقالة الأستاذ : إبراهيم ناصر المليفي رئيس التحرير ، يتحد الأستاذ المليفي عن الثقافة وتأثيرها في الاقتصاد وأنها قد تكون أحد الموارد الاقتصادية المهمة للدولة ، وقد بين ووضح ذلك واعطي أمثلة عدة .

دارت في ذهني أشياء كثيرة حين قرأت هذا المقال ، أمسكت بقلم التظليل وظللت به بعض النقاط التي أراها مهمة ، المقال يحتاج قراءة متأنية ، استخدام الموروث الثقافي والمواهب الأدبية والفنية لجعل ذلك أحدا موارد الدولة الاقتصادية ، فيتحدث عن إقامة المعارض الفنية ، ومعارض الكتب ، والمهرجانات السينمائية ، والفنون الشعبية ، الترويج عامل مهم جدا ، ثم يعطي مثالا لمهرجان أصيلة بدولة المغرب ومدي تأثيره كمورد اقتصادي ، الموضوع مميز جدا .

أيضا في مجلة العربي في المقال التالي وهو  يتحدث عن دور المثقف في إحداث النهضة المجتمعية ، احداث نهضة فكرية في المجتمع ، إذ أن للمثقف دور مهم جدا لا بد من أن يقوم به وهو نشر الثقافة ومحاولة التغيير في المجتمع ،إذ أن التغيير لا يكون عن طريق الثورات ، سيذهب ناس ويأتي ناس بنفس الأفكار والمفاهيم فليس هناك تغيير ( شالوا الدو جابوا شاهين ) أي الأمر لا يتعدي تغيير الاسماء ، أما التغيير الحقيقي فهو تغيير الأفكار والمفاهيم، 

وهو ما تحتاجه الأمة ، وذلك أمر ضرورى لبناء دولة .

صنع الله إبراهيم في روايته بيروت بيروت ،  تسجيل لأحداث دارت غالبها حقيقي ، تكتمل الرؤية حين تقرأ رواية الطنطورية لرضوي عاشور ، خاصة الجزء الخاص بالحياة في بيروت وحدوث الحرب الأهلية ، وتلك الأحداث الدامية ، والفرقة التي حدثت بين صفوف الشعب ، حكي أيضا بعضها أمين معلوف في كتاب غرق الحضارات ،هذا يدل أن الروابط بين طوائف الشعب كانت هشة جدا وظاهرية للغاية ، فحدث ذلك الإنهيار السريع .

في ياسمين أبيض لخولة حمدي ، مقاطع وصور تحكي عن اللاجئين حكت بداية عن لاجئي فلسطين ثم عن لاجئي سوريا ، التشرذم والتشرد وضياع الأهل والوطن ، بين ليلة وضحاها تجد نفسك بلا أي شىء ، صدمة مهولة وإنكسار رهيب ، رضع بلا أهل أطفال صغار ....صور مؤلمة إلي أقصي درجة من الالم .

أحداث فلسطين التي جعلت القلب يكاد يتوقف حزنا و كمدا 

، ولا حياة لمن تنادي ، البعض قد يتساءل لما يحدث كل هذا ، وأين من ينصرهم ، أليس الله بقادر علي نصرتهم لما لا ينصرهم ، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، فالله لم يخلق شرا محضا حتي وإن لم يدرك ذلك عقلك ، فلا شىء يحيط به علما ، ولله الحكمة البالغة ، فعقل الإنسان قاصر عن الإحاطة بكل شىء .

حفظكم الله ورعاكم