سؤال الشر ...اللقاء الثانى
سؤال الشر ...اللقاء الثانى
بقلم : محمد فتحي شعبان
ربي
ادخلني مدخل صدق
و أخرجني مخرج صدق
و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا .
ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه.
أسعد الله حياة الجميع
قد انتهينا في المقال السابق إلي هذه الجملة
وهنا يأتي اعتراض إلحادي بلافتة كبيرة بارزة : أليس باستطاعة الله بقدرته المطلقة أن يحصل الخير دون أن يقع أي شر ؟!
والجواب هو أن هذا الخير إن كان يستلزم منطقيا وعقليا وقوع الشر ، ولا يمكن تحصيل الاول بدون الثاني ، وكانت أفعال الله لا يقع فيها التناقض مع العقل والمنطق ، صار من المقبول وجود الشر في العالم بهذا الاعتبار علي أن يكون الخير في العالم أكثر وأكبر .
و نحن المسلمين نقر بقدرة الله علي هذا فالله جل وعلا له القدرة المطلقة وهو قادر علي خلق العالم بلا أي شرور ، ليس إلا الخير فقط كما هو الحال في عالم الملائكة ، حيث أنه عالم خير محض لا شر فيه ، لكن الله سبحانه وتعالي حكيم والحكمة صفة من صفات الأفعال فلا يفعل شىء إلا لحكمة ، فهناك خير أعظم لا يمكن تحصيله إلا بوجود بعض الشر .
دعنا نلقي الضوء أولا علي ما يعرف باسم ( دفاع الإرادة الحرة ) Alvin Plantinga بلانتينجا و مفاده كما ذكر دكتور هشام عزمي :
أن الله أراد خلق كائنات تتمتع بالإرادة الحرة ، فمثل هذه الكائنات ستكون قادرة علي إقامة أكمل أنواع العلاقات مع الله ومع بعضها البعض ، و بالإرادة الحرة يمكن أن توجد أعمق وجوه الخير والمسئولية الأخلاقية وهكذا ، فلكي يخلق الله عالما يحوي وجوه الخير الأعمق هذه ...كان من الضروري أن يمنح البشر القدرة علي أن يختاروا بحرية ، حتي وإن كان من شأن هذه القدرة أن تكون نتيجتها إمكانية أن يخطئ البشر بشكل مريع وأن يستخدموا حريتهم بأشكال تدمرهم هم أنفسهم ، فإن من طبيعة الحرية أنه لا يمكن إرغامها علي التوجه نحو الخير وحده ولا ضمان توجهها نحو الخير وحده ، لأجل هذا فإن حرية هذه الكائنات ضرورية لإيجاد وجوه خير عظيمة و جبارة بحيث تبرر لله خلقها على الرغم من العاقبة المنطقية المتمثلة في خطر ارتكابها الشرور ، فخلاصة دفاع الإرادة الحرة أنه من المستحيل علي الله أن يخلق عالما يحوي وجوه الخير التي نجدها دون أن يحوي الشرور أيضا . ا.ه
قد يبدو هذا الطرح للوهلة الأولي صحيحا بشكل كامل ، وأنه حلا لتلك المعضلة ، لكن نحن المسلمين نري أن دفاع بلانتينجا أصاب تماما في بيان أن تحصيل الخير الأكبر كان يقتضي وجود الشر في العالم .
لكن ...لا نتفق معه في أن ذلك يكون لخلق كائنات ذات إرادة حرة بالمفهوم الفلسفي التحرري الذي يرى أنه لا إرادة ولا مشيئة ولا قدرة لله علي أفعال البشر ، وهذا نفي إرادة الله وخلقه لأفعال العباد ، فعلى هذا فإن شرورهم و معاصيهم و كفرهم تكون من دون إرادة الله و رغما عنه ، وهذا نفى للإرادة الكونية لله سبحانه وتعالي وهو ما يخالف عقيدتنا كمسلمين في أن كل ما في الكون إنما هو بإرادة الله الكونية ( والإرادة الكونية تختلف عن الإرادة الشرعية ) ، وفيه أيضا نفى لعلم الله إذ المفهوم من هذا الدفاع إن الله خلق العباد وجعل فيهم الإرادة ثم هم يفعلون أي أمر شاءوا أي الأمر أنف ...
مازال الحديث مستمرا
تعليقات
إرسال تعليق