دراسة نقدية لقصة ( سوق النسوان )
سرد سوق النسوان
أسعد الله حياة الجميع
دراسة نقدية قدمها دكتور: محمد آدم لقصة سوق النسوان
سوق النسوان
بقلم : محمد فتحي شعبان
ميعاد استيقاظي المبكر يجعل اليوم طويل جدا ، اليوم لا يكاد ينتهي ، تلكأت قليلا اليوم بقيت قليلا في السرير ، تأملت وجه فاطمة وهي نائمة ، قبلت وجنتيها عدة مرات ، تحسست جسدها ، ثم قبلتها مرة أخري ، نزلت من السرير ودخلت إلي الحمام ...اغتسلت ثم عدت مرة أخري إلي غرفتي ، الكل نيام مازالت الساعة الثالثة فجرا ، فاطمة مازالت كما هي جسدها ممدد فوق السرير وقد تعري ، عدت إلي جوارها مرة أخري ، جلت بعيني فوق جسدها العاري تحسست فخذيها ثم ارتفعت قليلا قليلا تحسست ثدييها ، حينها فتحت عينيها رفعت يدي عنها ...تبسمت جذبتني إليها و قبلتني ، تركتها و بدلت ملابسي ...تغيرت تعابير وجهها ، أشرت إلي الساعة علامة التأخر ، نزلت إلي الطريق لا أحد سوى أفراد قلائل ، سرت علي قدمي حتي السوق الذي لا يبتعد كثيرا عن البيت ، رغم فراغ الشوارع حول السوق لكنه كان عامرا بالناس ، أبو ياسين صديقي شبه المجنون الغائب منذ عدة سنوات ظهر اليوم ، وجدته جالسا أمام المغازة ، تبسمت حين رأيته احتضني بشدة كأنما يعوض كل تلك السنوات ، قمت بمراجعة اعداد الطرود الموجودة علي الأرض ، مرت أم يوسف بائعة المخبوزات اخذت منها قطعة ( باتيه ) لم تعجبه ، فاشتريت له فطيرة من أم انس ، النساء في السوق تكني بأسماء ابنائهم إلا قليلا ممن تعرف بالاسماء الصريحة ، ام هند تلك المرأة الممتلئة لكنها رغم ذلك خفيفة الحركة ، أتت تريد الحكي كعادتها ...تتحجج بالشراء وتحكي ، تقترب مني حتي تكاد تلتصق بي ، يدور الحديث بيننا همسا ..تتبسم ، يظهر جزء من ساعدها يبين بياض جسدها ، كشفت لي وجهها أكثر من مرة رغم أنها منقبة أو تغطي وجهها في السوق كعادة كثير من النساء ، كدت احتك بجسدها أكثر من مرة لكني أتراجع ، صلي الناس الفجر وبدأ ضجيج السوق ، عمليات الشراء والبيع واختلاط الناس ، المرأة التي لا اعرف اسمها ولم افكر أن اسألها يوما عنه ، سمينة تمشي ببطئ تحتك قدمها بالأرض ، تحمل ما تشتريه فوق رأسها وتضعه جوار المغازة ، تجمع بضاعتها بنفس الطريقة ، تظل غادية رائحة حتي تنتهي من جمع ما تسوقته في مكان واحد ، تجلس قليلا فوق كرسي داخل المغازة ، تستغل احيانا غفلة الناس لتلقي ببعض النكات السافلة ، حاولت اكثر من مرة أن تغويني بمعاشرتها لكني لا اهوى ذلك النوع من النساء ، كان اليوم يوم السبت وهو يوم النساء أو كما نسميه سوق النسوان ، انتهت الفترة الصباحية في السوق ، وبدأت في ترتيب الدفاتر و الحسابات ، هدأ السوق تماما ولم يبقي في المغازة غيري أنا وأبو ياسين ، العمال ألقوا بأجسادهم فوق الفراش الذي علي الارض ليستريحوا قليلا ، اخرجت هاتفي المحمول وبدأت في قراءة أحد الكتب المحملة عليه ، مازلت اقرا في رواية أمريكانلي لصنع الله إبراهيم ، اتنقل بينه وبين الفيس اتابع بعض الصفحات ، يمر بقية اليوم بطيئا ، مني تأتي من قلب السوق قادمة إلي المغازة ، تحضر كرسي وتجلس بجواري ، تخرج كيس النقود من حمالة صدرها فتظهر الفتحة التي بين نهديها ، تلاحظ أني انظر إليها ...تترك صدرها مفتوحا كما هو ، كانت حمالة صدرها ذات لون نبيتي ، أخبرتني أنها اشترتها أمس مع بعض الملابس الداخلية الأخري ، تنتهز أي فرصة لتحكي عن كل شىء حتي ما يحدث في غرفة نومها كأني أشاركها الغرفة ، تنهي حكايتها ثم تذهب ، أعود إلي القراءة....صنع الله ما زال يحكي يبدو اني اندمجت كثيرا مع الرواية و كأني معه في امريكا ، نادية ...طويلة ممشوقة القوام بيضاء مشربة بحمرة هادئة جدا ، حين تتحدث تشعر أنها تذوب ، كثيرا ما أمازحها لكن بلا ألفاظ خارجة ، مازالت محتفظة ببراءتها لم يغيرها السوق ، اليوم ممل جدا مر وقت طويل ولم يؤذن العصر بعد ، أعود اقلب صفحات الفيس ...اشاهد بعض مقاطع الفيديو ، تمتلئ مثانتى أذهب إلي الحمام ، عند عودتي أمر بمحل السوبر ماركت ، اشتري زجاجة مشروب الطاقة واعود إلي المغازة ، اخرج الهاتف اطلب فاطمة ، أشعر دوما اني احتاج إليها كأنها وطن أعود إليه بعد غربة ، النساء عاديات رائحات في السوق ، تمر مني امامي مرة أخري ، انشغل بمؤخرتها السمينة وهي ترتج أثناء سيرها ، أشعر بنظرات أبو ياسين تتابعنى ، أنظر إليه فيضحك واضحك ، اقوم بإعداد كوب شاي لي واخر لأبو ياسين ، يستيقظ شنودة ويعد كوب شاي له ، يشعل سيجارة ثم يخرج هاتفه ويتحدث إلي أحد ما ، سيارة ( ملاكي ) تقف أمام المغازة وتنزل منها امرأة شابة في عباءة ملتصقة بجسدها ، الصيف يجعل الجميع يتخفف من ثيابه ، تخطو متجهة إلي ، تسألني عن الأسعار فأخبرها محاولا إطالة الحديث معها ، لأشاهدها اطول وقت ، تنصرف مولية ظهرها لي ، كانت العباءة أشد فتكا من الاستريتش ، ام بيسو بائعة الأحذية مازالت في مكانها منذ الصباح ، فتاة لم تكمل العشرين تقف لمشاهدة الأحذية النسائية ،تضع غطاء علي شعرها وترتدي اسريتش و تيشرت ضيق ، تكاد تضاريس جسدها تنفجر ، إذن للعصر وذهب الناس للصلاة ، ذهب أبو ياسين و اختفي شنودة من أمامي لم يخبرني إلي اين هو ذاهب ، وحدي في المغازة جاءت اسماء ...ذات جسد هزيل كأنها عينة امرأة ، وقفت أمام المكتب واستندت إليه ، رفعت النقاب عن وجهها ،مددت يديها تصافحني ، تركت كفها في كفي قليلا لم تتحدث كثيرا ومضت ، مرت مني مرة أخري قارنت بين حجمها وحجم اسماء ، كان الفرق شاسع ، مروة تدور في السوق تلملم بعض الخضروات الساقطة فوق الارض ، نحيفة تشعر أن عباءتها فارغة ، مرت أمامي ألقت السلام ومضت ، عاد أبو ياسين من الصلاة ، وعدت إلي الهاتف أوشكت علي الانتهاء من أمريكانلي ، مر الوقت بعد العصر سريعا ، مع اذان المغرب عدت إلي المنزل ، أشعلت سيجارة ...كانت فاطمة تتابع أحد المسلسلات التركية ، تحب الحكايات الرومانسية ، أطفأت السيجارة وجلست إلي جوارها ...التصقت بها ثم عدلت من جلستي ، و أسندت رأسي علي فخذها ثم ....
🙏 ركن ديوان العرب
📃🖊️الكاتب محمد فتحي شعبان
وفي📖🗨️💬⁉️قراءة نقدية
✍️د. محمد أبوقرون
الكاتب والناقد 👇
محمد فتحي شعبان،
تحية تقدير لإبداعك الذي يجسد تفاصيل الحياة اليومية بدقة سردية مدهشة، مع انغماس عميق في نفسية الشخصيات وأبعاد المكان. نصك يعكس رؤية إنسانية مركّبة، تتنقل بسلاسة بين المألوف والحميم، وبين السرد الواقعي والتأمل الفلسفي حول طبيعة العلاقات الإنسانية وأثرها على الروح.
في هذا النص، يظهر السوق كمسرح متعدد الأوجه، حيث تتقاطع الحيوات اليومية للناس مع لحظات الحميمية والصراعات الداخلية. السوق هنا ليس مجرد مكان مادي بل فضاء اجتماعي يعكس مختلف مظاهر الحياة الإنسانية، من البساطة إلى التعقيد، ومن المألوف إلى الاستثنائي. اختيارك للسوق النسوان تحديدًا يحمل دلالة رمزية؛ فهو مساحة تقليدية في الثقافة الشعبية يلتقي فيها الجسد والرغبة والعمل والحوار.
يبدو النص كمرآة تعكس تناقضات الروح البشرية. من جهة، هناك فاطمة، تجسيد للحب والألفة والحميمية التي تمنح البطل لحظات سلام داخلي وسط الفوضى اليومية. ومن جهة أخرى، هناك نساء السوق، رموزًا للرغبة والإغراء والتحدي، مما يخلق صراعًا داخليًا لدى البطل بين الالتزام الأخلاقي والإنجذاب اللحظي.
أسلوبك السردي يُظهر براعة في التصوير الحسي، مع تركيز على التفاصيل الصغيرة التي تمنح النص حياة نابضة. لكن هذه الكثافة في الوصف الحسي، خاصة المتعلقة بالجسد، تفتح النقاش حول حدود التعبير الأدبي ومدى تأثيره على القارئ. هل تسهم هذه التفاصيل في تعميق الفكرة العامة للنص؟ أم أنها تنزلق نحو الإغراق في الوصف الذي قد يُشتت القارئ عن الفكرة الجوهرية؟
النص يثير تساؤلات فلسفية حول طبيعة الإنسان وعلاقاته. كيف يمكن للفرد أن يوازن بين الرغبات الآنية والالتزامات الأخلاقية؟ كيف تشكل الأماكن، كالسوق هنا، فضاءات للصراع الداخلي بين الهوية الفردية ومتطلبات المجتمع؟ وهل السوق هو انعكاس لواقع معيش أم فضاء يخلق واقعًا جديدًا؟
لغة النص تتسم بالسلاسة والواقعية، لكن أحيانًا يبدو السرد مُثقلًا بالتفاصيل التي قد تعيق تدفق القصة. ربما كان بالإمكان التركيز أكثر على العمق النفسي للشخصيات وتخفيف بعض الوصف الجسدي لصالح تطوير الفكرة المحورية للنص.
في النهاية، أرى أن النص يقدم رؤية صادقة لحياة مليئة بالتناقضات، ويركز على لحظات تبدو عادية لكنها تحمل في طياتها الكثير من التعقيد الإنساني. إنه نص يُبرز براعتك في السرد الواقعي، ولكنه يدعوك أيضًا للتأمل في كيفية تقديم رؤيتك الأدبية بشكل أكثر تركيزًا وعمقًا.
دمت مبدعًا.
✍️د. محمد أبوقرون
تعليقات
إرسال تعليق