قرات لك
قرات لك
تقديم : محمد فتحي شعبان
أسعد الله حياة الجميع
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام علي من لا نبي بعده ، أشهد لله بالوحدانية و لمحمدا بالرسالة و أنه خاتم النبيين و المرسلين ...أما بعد :
نعود إلي فقرة ( قرأت لك ) بعد فترة انقطاع طويلة وقد اخترت اليوم فقرة من كتاب( روح السياسة العالمية ) للكاتب الأمريكي أرنست هوكنغ
يقول هوكنغ مصورا مشاعره تجاه الثقافة الإسلامية ( إن سبيل تقدم الممالك الإسلامية ليس في اتخاذ الأساليب الغربية التي تدعي أن الدين ليس له أن يقول شيئا عن حياة الفرد اليومية ، وعن القانون والنظم السارية ، و إنما يجب أن يجد المرء في الدين مصدرا للنمو والتقدم ، و أحيانا يتساءل البعض إذا كان نظام الإسلام يستطيع توليد افكار جديدة ، و إصدار أحكام مستقلة تتفق مع ما تتطلبه الحياة العصرية ، والجواب هو أن في نظام الإسلام كل استعداد داخلي للنمو ، بل إنه من حيث قابليته للتطور يفضل كثيرا من النظم المماثلة ، وعندي أن الصعوبة لم تكن في إنعدام وسائل النمو والنهضة في الشريعة الإسلامية ، و إنما في إنعدام الميل إلي استخدامها ،.و إنني أقرر أن الشريعة الإسلامية تحتوي بوفرة علي جميع المبادئ اللازمة لنهضتها .)
هذه الفقرة منقولة من كتاب ( الإسلام في العقل العالمي ) لدكتور توفيق الواعي والذي نقلها بدوره من كتاب ( روح السياسة العالمية ) تأليف أرنست هوكنغ ... هذه شهادة رجل غير مسلم عن الإسلام وصلاحية الإسلام لأن يحكم بين الناس ، هنا يقرر هوكنغ أنه لا يصلح أن يتم فصل الدين عن حياة الناس فإن في الشريعة الإسلامية مجموعة من الأحكام والقواعد القادرة علي تنظيم حياة اي مجتمع في مختلف العصور ، فمن ينظر إلي احكام و قواعد الشريعة الإسلامية يجد أنها أتت بما يصلح للحكم في أي مجتمع ، وأنها قادرة علي إصلاح أي مجتمع ، و إنه من المؤسف أن تجد مسلمين يرفضون تطبيق أحكام الإسلام بل ويقومون بتشويه صورة الإسلام أمام الناس مستخدمين كافة الوسائل من كذب و تزوير في حين تجد أن هناك من غير المسلمين من يمتدح الشريعة الإسلامية ويقرر صلاحيتها للبناء والنمو وأنها قادرة علي النهضة بالمجتمعات .
إن القارئ والباحث المنصف في تاريخ الإسلام والحضارة الإسلامية يجد أن هذا الدين قد قدم للتاريخ نموذج يبين إثر الدين الحق في بناء الأمم ، و يرى شمولية الإسلام لكل نواحي الحياة و كيفية تنظيم كافة شئون الناس من علاقات أفراد الأمة ببعضهم البعض وعلاقة الأمة بغيرها من الأمم .
ما أذكره هنا ليس سوي تنبيه بسيط و تذكرة لمن يذكر ، فهناك من يهمه فصل الدين عن حياة الفرد في كل شىء ليكون لا معني للدين ولكن ...الله غالب علي امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون
*تعليق دكتور : محمد آدم أبو قرون
ما أروع أن يعود القارئ إلى دفاتره بعد غياب، ليشاركنا ما قرأه، ويضيء درب الفكر بكلمة التقطها من هنا وهناك، وما أصدق أن يكون العلم هو الجسر الذي يعبر عليه الفكر ليصل إلى الحقيقة، لا سيما حين تأتي الشهادات من خارج الدائرة، حين ينصف العقلاء الحق ولو لم يكونوا من أبنائه.
ها هو أرنست هوكنغ، بقلب الباحث لا المتحيز، يضع يده على جوهر المسألة، أن الشريعة الإسلامية ليست عائقًا أمام النهضة، بل هي إطار يحمل في داخله القدرة على التطور والاستجابة لمتغيرات الزمن. المشكلة ليست في الإسلام، بل في فقدان الإرادة لاستخدام أدواته، وفي العقول التي ترفض استثمار ما بين أيديها من كنوز، بينما يبصرها غيرهم فيسجلون شهاداتهم، لا بدافع الإيمان، بل بدافع الموضوعية.
كم هو مؤلم أن يكون الإنصاف حليفًا لمن لم يعتنق الدين، بينما يكون الجحود والإنكار صنيع من ينتمي إليه بالاسم! من يشهد لصلاحية الإسلام للحكم والنهوض؟ ليس فقط من عاش في كنفه، بل حتى من لم يعرفه إلا من خلال قراءاته واستنتاجاته الفكرية. الشريعة ليست حكرًا على زمن، ولا مقيدة بسياق معين، بل هي نظام يحمل في جوهره مقومات الاستدامة والنمو، والخلل لا يكمن في النصوص، بل في العقول التي تغلق أبوابها عن الفهم.
بين دفتي التاريخ تقف الشواهد، وبين صفحات الحضارة تسطع الأدلة، على أن الدين الذي وضع أول دستور للإنسانية، لا يزال يملك من الحكمة ما يؤهله لقيادة الحياة. لا غرابة إذن أن يعترف بذلك باحث منصف، لكن العجب كل العجب في أولئك الذين يغلقون أعينهم، ويحاربون النور خشية أن يكشف لهم كم كانوا في التيه.
ما نقلته إلينا اليوم ليس مجرد فقرة، بل هو مرآة تعكس واقعًا أوسع، سؤال يطرح نفسه على من يريد أن يسمع: متى يدرك المسلم قيمة ما بين يديه قبل أن يخبره بها الآخر؟
✍️د. محمد أبوقرون
* تعليق دكتور : هيام علامة
ما ورد في الاقتباس عن أرنست هوكنغ يعكس رؤية منصفة لمكانة الإسلام كنظام شامل قادر على النمو والتطور، وهو أمر تؤكده صفحات التاريخ الإسلامي التي أظهرت كيف أن الشريعة الإسلامية لم تكن حجر عثرة أمام التقدم، بل كانت حافزًا للنهضة والازدهار في مختلف العصور.
غير أن المشكلة ليست في مبادئ الإسلام أو قابليته للتجدد، بل في عزوف بعض المسلمين عن استثمار هذا الغنى الفكري والتشريعي في بناء مجتمعاتهم. وهنا يكمن التحدي الحقيقي: هل المشكلة في الإسلام، أم في فهمنا له وتطبيقنا لتعاليمه؟
إن الشريعة الإسلامية، حين تُفهم بروحها الحقيقية بعيدًا عن الجمود والتفسيرات الضيقة، تظل قادرة على مواكبة متطلبات العصر. فالدين لم يكن يومًا عائقًا أمام التقدم، بل كان أساسًا لبناء حضارات عظيمة، والتاريخ الإسلامي يشهد بذلك، حيث كانت عصور ازدهاره مرتبطة بحسن تطبيق الشريعة بروحها ومقاصدها، لا بمجرد مظاهرها.
أما عن من يحاولون تشويه الإسلام من أبنائه قبل غيرهم، فهم إما جهلة بحقيقته أو متأثرون بمفاهيم مغلوطة عن التقدم والنهضة. لكن الحقيقة تظل ثابتة، وهي أن الإسلام يمتلك من المبادئ ما يكفي لصياغة نموذج حضاري راقٍ، شرط أن يتوفر الوعي الكافي لاستثماره بعيدًا عن الانغلاق أو التبعية العمياء لنماذج لا تناسب هويتنا.
وفي النهاية، كما جاء في الاقتباس: "ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تعليقات
إرسال تعليق