حكايات كحيان بن عدمان 14

حكايات كحيان بن عدمان 14
بقلم : محمد فتحى شعبان 
   يا وابور الساعة اتناشر يا مقبل ع الصعيد 
حبيبي قلبه دليل وانت قلبك حديد 
وانا سهرانة من شوقي 
والنوم عني بعيد 
بعيد عني بعيد من مصر للصعيد
ينطلق صوت عفاف راضي بالأغنية ، خالتي رسمية ذات السبعين عاما اهتزت طربا عند سماعها ، تهز كتفها وتحرك جسدها الضئيل المنكمش ، كانت تقوم بغسل بعض الأطباق في غرفتها المسقوفة بجريد النخل والبوص ، أنهت ما كانت تعمل ، تدور حول نفسها ثم تلقي بجسدها فوق سرير قديم متهالك ، تنظر إلي سقف الغرفة ثم ....
   مازالت تحتفظ بلهجة الصعيد رغم أنها قضت سنوات عمرها في الأسكندرية ، تزوجت من قريب لها ثم طلقها لأنها عاقر ، سنوات طوال مرت حتي جاءها ابو نعيم تزوجها لتربي بناته لكنه ترك الجميع ورحل 
   ربنا يستر عرض ولاياك ...ارزق عبادك يا كريم ...ربنا يرزقك ياللي تصلي علي النبي ...رث الثياب والهيئة يدور في طرقات البلد يسأل الناس ، كبر سنه و رق عظمه ...لا أحد يعرفه غريب عن البلد ، البعض يعطيه بعض نقود فضية ، البعض يعطيه طعام فيأكل إن كان جائعا أو يتركه ويمضي إلي حال سبيله إن كان شبعان ، لا أحد يعرف من أين جاء لكنه قديم في البلد فالكل يعرف وجهه لكن لا أحد يعرف أسمه .
    خالتي نجاة كانت بتخبز  النهاردة ، عيال الشارع اتلمو عند فرن الحمية ، ينتظرون أن تعطيهم أرغفة ساخنة ، كانت عادتها أن تعطي كل واحد منهم رغيف ساخن تحشوه بقطعة سمن بعض السكر ، اقف من بعيد انظر إليهم ، نفسي ارجع صغير واعمل زيهم ، مر بذاكرتي نفس المشهد وانا صغير الرغيف الساخن والسمن والسكر ، بنات خالتي نجاة كانوا معاها في عشة الفرن ، ذهبت إليهن ...نجوي بت خالتي نجاة كانت شبه خالتي نعمة البت حلوة من سخونة نار الفرن وشها احمر ذي الدم ...اخذتنا الحكايات ، بس أنا سرحت مع نجوي .
    حمو ابن سامية اتخرج من كلية الحقوق وبقي محامي ، كانت امي تتباهي أنها أرضعته يوما ما ، سامية عايزة تخطب اختي لمحمد ...رأيت الرضا في عين امي لكن محمد لا يتحدث ، كان لا حول له ولا قوة أمام أمه ....ليس لي رغبة في الكتابة ، لا تسعفني الذاكرة ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكاية شاعر

سيرة ذاتية

حكاية شاعر ..علي الجارم