حكاية شاعر ...ذو الرمة

حكاية شاعر 
بقلم : محمد فتحى شعبان 
     أسعد الله حياتكم وبارك لكم في أولادكم ورزقكم الخيرات وصب عليكم البركات .
    عودة مرة أخري مع حكاية شاعر و شاعر اليوم أحد فحول شعراء العصر الأموي وإن لم يكن مشهورا مثل الفرزدق و جرير و الأخطل لكنه كان من أشعر الناس خاصة في شعر التشبيب  والمديح وبكاء الأطلال .
   ولد في عام ٧٧ هجريا وتوفي عام ١١٧ هجريا أي أنه لم يعش سوي أربعين عاما ، إنه أبو الحارث غيلان بن عقبة بن نهيس الربابي التميمي والملقب بذي الرومة بضم الراء و إنما قيل له ذو الرمة لقوله في الوتد ( أشعث باقي رمة التقليد ) و الرمة بضم الراء الحبل البالي ، و قيل أن مية التي أحبها و تغني بها في شعره هي التي لقبته بهذا اللقب و ذلك أنه استقاها ماء و كان علي كتفه قطعة من حبل يقال لها رمة فقدمت له الماء وقالت له اشرب يا ذا الرمة فاشتهر بها .
    ولد في خلافة عبد الملك بن مروان ، وقد كان دميما يضرب لونه إلي السواد ، وكان أحد عشاق العرب المشهورين إذ كان كثير التشبيب بمية وهي مية بنت مقاتل بن طلبة وكانت فاتنة الجمال ، و قد قال فيها 
علي وجه مي مسحة من ملاحة 
وتحت الثياب العار لو كان باديا 
ألم تر أن الماء يخبث طعمه 
و لو كان لون الماء أبيض صافيا 
فوا ضيعة الشعر الذي لج فانقضي 
بمي و لم املك ضلال فؤاديا .
   قيل أنه كان ينشد شعره في سوق الإبل فجاء الفرزدق فوقف عليه فقال له ذو الرمة : كيف تري ما تسمع يا أبا فراس ...قال : ما أحسن ما تقول ...قال : فمالي لا أذكر مع الفحول ...قال: قصر بك عن غايتهم بكاؤك في الدمن و وصفك للأبعار والعطن .
   قال جرير : لو خرس ذو الرمة بعد قوله قصيدته التي أولها ( ما بال عينيك منها الماء ينسكب ) لكان أشعر الناس 
و قد نشر ديوانه المستشرق كارليل هنري .
من شعره أيضا 
بكيتُ على ميٍّ بها إذ عرفتُها

وهجتُ الهوى حتى بكى القومُ من أجلي

فظلُّوا ومنهم دمعُه غالبٌ له

وآخـرُ يثـني عَـبرةَ العـين بالهمـلِ

وهل هَمَلان العين راجعُ ما مضى

من الوجد أو مُدنيكِ يا ميُّ من أهلي

أقولُ، وقد طال التنـائي ولَبَّسَتْ

أمورٌ بنا أسباب شَغْلٍ إلـى الشَّغْـلِ

ألا لا أبالـي الموتَ إن كان قبلَه

لقـاءٌ بميٍّ وارتـجاعٌ مـن الوصـلِ

رحم الله ابا الحارث ذي الرمة ...هذه ومضات من حياته 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكاية شاعر

سيرة ذاتية

حكاية شاعر ..علي الجارم