قرأت لك ..الحرية

قرأت لك 
بقلم : محمد فتحى شعبان 
    أسعد الله حياتكم وبارك لكم في أولادكم و سدد خطاكم ورزقكم كل خير  و دفع عنكم كل سوء .
    قرأت لك ...اخترت اليوم فقرة من كتاب ( غريزة الحرية ) تأليف : نعوم تشومسكي ، وهو عالم لغويات و فيلسوف و ناشط سياسي امريكي ، يعتبر ابو علم اللغويات الحديث ، وهو في هذه الفقرة ينقل كلام همبولت ... و هو فريدريك فلهيلم فون همبولت و هو دبلوماسي وفيلسوف ألماني ...يقول رأي همبولت أن :
   " لا شىء يحض علي نضوج الحرية كالحرية ذاتها ، هذه الحقيقة ، ربما لن يعترف بها أولئك الذين يستخدمون عدم النضوج هذا كعذر لاستمرار الاضطهاد ، و لكنها تبدو لي نابعة بشكل لا ريب فيه من طبيعة الإنسان نفسها ، لا يمكن أن نجهل كيف نتصرف بحرية إلا بسبب نقص القوي الأخلاقية والعقلية ، السمو بهذه القوي هو السبيل الوحيد لمعالجة هذا النقص ....إلي آخر الفقرة 
  ينقل في فقرة أخري 
" و لكن مع ذلك فالحرية بلا شك هي الشرط الذي لا يمكن الاستغناء عنه ، و التي بدونها لن يفلح السعي إلي الوصول إلي الأمور الأكثر توافقا مع الطبيعة البشرية ....إلي آخره 
  يقول نعوم تشومسكي ...الإنسان في جوهره خلاق بحاثة يسعي إلي الكمال :" الإبداع و البحث هذه هي المراكز التي تدور حولها كل أفعال الإنسان بشكل مباشر تقريبا " .
   المقولة تعني أن تحقيق الحرية الحقيقية يتطلب ممارسة الحرية نفسها بحكمة ومسؤولية، فالحرية لا تتجسد في الفعل المطلق بل في تحرير الذات من المعتقدات الخاطئة والأوهام والقيود الداخلية التي تعيق التقدم. إنها دعوة لأن تكون أفعالك في خدمة غاياتك النبيلة، وليست مجرد إشباع رغبات عابرة. 
    الحرية لغة هي الخلوص من الشوائب أو الرق أو اللؤم ، و الحر كريم الأصل ...قال ابن الأعرابي : أن الحرية لا تطلق علي الخلوص من الرق و إنما تطلق علي حرية الأصل و شرف المعدن ، و أما الخلوص من الرق فهو الحرار ، و الحرية تعني القدرة علي تحقيق فعل أو امتناع عن تحقيق فعل دون خضوع لأي ضغط خارجي ، وتعني أيضا قدرة الإنسان علي اختيار أفعاله .
  يلاحظ أن هناك فارق بين الحرية و التحرر فالحرية أصل ، فالإنسان يولد حرا بطبيعته ، أما التحرر فهو الإنعتاق أو الإنفكاك من القيود والعبودية .
   نعود إلي النص ...الإنسان لا يبدع ولا يتطور إلا إذا كان حرا و لا بد من توفير حرية حقيقية وليست شعارات ، ففي ظل القيود لا يبدع الإنسان ، الإنسان بطبيعته دائم البحث والتجربة و هذا يحتاج إلي توافر بيئة حرة تشجع علي حرية التفكير وحرية البحث ، في بداية الفقرة يتحدث عن نضوج الحرية ليست حرية فقط ولكن حرية ناضجة وهناك فرق ، والذي يساعد علي نضوج الحرية هو وجود بيئة حرة تطور من خلالها ، بمعني أن تمارس الحرية فعليا ليصل الإنسان إلي مرحلة النضوج في استخدام حريته .
   الحرية الناضجة الواعية ليست فوضوية فالبعض يخلط بين الحرية و الفوضوية ، والحرية الناضجة ليست حرية مطلقة فهي لا تعني التحرر من القيود ولكن هناك حدود من الأخلاق و التشريعات التي تحافظ علي المجتمع من الفوضي ، الحرية الناضجة أيضا تحتاج إلي تصحيح المفاهيم لدي المجتمع ، وعدم الخلط بين المفاهيم و بعضها البعض ، لا نخلط بين الحرية والتحرر والحرية المطلقة التي تعني الفوضي .
   قرأت لك مجرد ومضات لتنير الفكر ...
* تحياتي ...دمتم بخير 




  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكاية شاعر

سيرة ذاتية

حكاية شاعر ..علي الجارم