حكاية عمر

حكاية عمر 
بقلم : محمد فتحى شعبان 
   يفر العمر و يهرب مني(  يا للهول ) بصوت يوسف بك وهبي ، منذ بضعة أيام كنت طالبا جامعيا يمتلئ شبابا وحيوية ، مميزا بين الطلبة لاني شاعر انشر تلك الهلوسات التي اكتبها في بعض الجرائد ، و عامل نفسي فيلسوف و مدمن كتب وقراءة ، أشارك في كثير من النشاطات .... و في غمضة عين أصبحت أبا لأربع شباب وفتاة أكبرهم في السابعة والعشرين من عمره و أصغرهم في الثامنة عشر ، متي حدث هذا لا أدري إنها مفاجأة ، صرت شيخا قد ابيضت لحيتي أما شعري فقد ذهب مع الريح ولم يبقي في راسي شعر ، انظر إلي ابنائي أحيانا وأسأل نفسي متي صاروا رجالا ...إنه العمر مر سريعا ، حاولت كثيرا التشبث به وإيقافه قليلا لكنه لا يتوقف بل يمر تاركا جراحا و ندوب ، الايام والسنوات لا تنحني لأحد بل تدهس الجميع ...جميع من يعترض طريقها .
   في السنة الأخيرة من المرحلة الجامعية كان لقائي الأول مع أمن الدولة ، أمسكوا بي من الشارع كنت خارج من درس تحفيظ القرءان ذاهبا إلي البيت و كان مقرهم في طريقي ...كان بيتنا بعدهم بشوية فأنا رايح جاي بمر عليهم ، و منذ هذا التاريخ تم تسجيلي في أمن الدولة كان هذا ايام الرئيس السابق محمد حسني مبارك ( الله يرحمه ) ، لم يسيئ إلي أحد ولكن كان يتم استدعائى للتحقيق كل عدة أشهر ، في أول مرة تم احتجازي كانت أمي مازالت علي قيد الحياة لم ينتبه أحد غيرها لغيابي ، خرجت إلي الشارع تبحث عني ، حين علمت أن هناك حملة اعتقالات عرفت أني محجوز في أمن الدولة ، حكت لي بعد خروجي أنها ظلت واقفة لساعات طوال تنتظرني و في آخر الأمر تحدثت إلي أحد الضباط فأخبرها أني لن اخرج إلا بعد عدة أيام .
  تمر الأيام سريعا ...تتقلب بنا الحياة بين حزن و فرح بين هم و فرج تتماوج كما يتماوج البحر ، منذ طفولتي اتعرض لحالات اكتئاب شديدة ...اعتزل الناس واعتزل كل شىء حولي ...اتذكر كانت تنتابني حالة بكاء شديد بلا سبب ، انكمش في ركن من اركان البيت و ابكي حتي انهار من البكاء ، تضمني أمي إلي صدرها تحاول تهدأتي ، و مازلت إلي الآن تأخذني حالات بكاء شديدة لكنه صامت حتي لا يشعر بي أحد لكن ...لا أم تأخذني في صدرها .
   تتقلب الحياة كثيرا ما ابتعد عن الكتابة والكتب في الفترات الماضية اتذكر كلمة سعد زغلول و هو موليا وجهه إلي البحر ( مفيش فايدة ) ، تنتفخ راسي بالحكايا و لا اكتب شيئا ، انسي ما كنت اريد كتابته أو هو عدم الرغبة في الكتابة يجعلني انسي ، صفحات الفيس أصبحت فضاء ...او بمعني اصبح كل شىء حولي اصبح فضاء حتي صفحات الكتب ، رأسي فارغ لا شىء فيه سوي صوت صفير ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكاية شاعر

سيرة ذاتية

حكاية شاعر ..علي الجارم